منارة الإسكندرية في مصر

رسم تخطيطي لمنارة الإسكندرية

تُعدّ منارة الإسكندرية أو فنار الإسكندرية، واحدة من عجائب الدنيا السبع القديمة، وأشهر منارة بحرية في العصور القديمة. وبرغم تهدم المنارة بفعل زلزال، فقد وصفت بكونها أعجوبة معمارية فريدة، حتى أصبحت النموذج التقليدي لجميع المنارات منذ ذلك الحين. شيدت المنارة بين عامي 279 – 270 قبل الميلاد، في عصر البطالمة، في عهد الملكين “بطليموس الأول” و “بطليموس الثاني”. بنيت المنارة على أطراف شبه جزيرة فاروس، حيث سميت أيضاً بمنارة فاروس، وهو الموقع الحالي لقلعة قايتباي بمدينة الإسكندرية المصرية التي تأسست على يد الإسكندر الأكبر عام 331 قبل الميلاد.

تصميم وبناء منارة الإسكندرية

وفقاً للعديد من المصادر القديمة، كانت منارة الإسكندرية من تصميم المهندس المعماري الإغريقي “سوستراتوس Sostratus of Cnidus”. حيث أمر الملك بطليموس الأول ببناء منارة ضخمة كصرح لتكون شاهدة على قوته وعظمته، ولتوجيه السفن إلى ميناء الإسكندرية، حيث كان البحارة يواجهون صعوبة في تفادي الصخور والشعاب المرجانية والمياه الضحلة عند الإقتراب من الميناء.

رسم تخطيطي ثنائي الأبعاد لمنارة الإسكندرية
رسم تخطيطي ثنائي الأبعاد لمنارة الإسكندرية

تم إكمال مشروع بناء منارة الإسكندرية بعد نحو 20 عاماً على يد ابنه وخليفته بطليموس الثاني. كانت المنارة بعد أهرامات الجيزة، أطول مبنى في العالم. ويأتي الكثير مما يعرف عن هيكل المنارة ضمن أعمال المؤلف هيرمان ثيرش في عام 1909، وفي وصف أبو الحسن المسعودي، أحد أشهر علماء العرب في عام 944. حيث ذكر أن منارة الإسكندرية شيدت على أطراف جزيرة فاروس بارتفاع 110 – 130 متراً، وكانت مكونة من 40 طابقاً. ووفقاً للمصادر القديمة التي اعتمد عليها هيرمان، تم بناء المنارة على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى كانت بناء قاعدة المنارة المربعة، والتي تضمنت 300 غرفة، ثم المرحلة الثانية بناء الهيكل ثماني الأضلاع، والمرحلة الثالثة، بناء الهيكل الإسطواني الذي يؤدي إلى منحدر حلزوني للصعود والنزول، وفي القمة استقرت شعلة هائلة من النيران ترسل ضوءاً ساطعاً في الليل لإرشاد السفن.

جزيرة فاروس، الإسكندرية
جزيرة فاروس، الإسكندرية

وبحسب مؤلف معاصر يدعى Poseidippos، كان هدف بناء المنارة توجيه وحماية البحارة، وتكريماً لإلهين يونانيين، زيوس، الذي تم نقش اسمه على البرج بأحرف بارتفاع نصف متر، وإله البحر بوسيدون، الذي تم تشيد تمثاله أعلى المنارة. وكان هناك وصف لمرآة هائلة أعلى المنارة تعكس آشعة الشمس، وكانت ترصد السفن القادمة، قبل أن تتمكن العين المجردة من رؤيتها. وفي وصف الرحالة العربي القديم ابن جبير، كان ضوء المنارة يرى من على بعد 100 كم في عرض البحر.

كيف تهدمت منارة الإسكندرية

صمدت منارة الإسكندرية لأكثر من 1600 عاماً قبل تدميرها بفعل زلزال ضرب شرق البحر المتوسط في عام 1303، والذي دمر العديد من حصون الإسكندرية والمنارة. وفي عام 1477، تم استخدام بعضاً من أحجار المنارة الكبيرة لبناء قلعة السلطان “الأشرف قايتباي”، المعروفة بقلعة قايتباي في نفس موقع المنارة.

وبعد حادثة الزلزال بنصف قرن، زار الرحالة الشهير “ابن بطوطة” الإسكندرية، وكتب قائلاً:

قصدت المنارة عند عودتي إلى بلاد المغرب، فوجدتها قد استولى عليها الخراب، بحيث لايمكن دخولها ولا الصعود إليها، وكان الملك الناصر، شرع في بناء منارة إزائها، فمنعه الموت عن إتمامها”.

ابن بطوطة – 1350 ميلادياً

وفي نتائج دراسة آثار منارة الإسكندرية في منطقة ميناء الإسكندية في عام 1994 لعالم الآثار الفرنسي “جان إيف إمبرور”، تم العثور على عدد قليل من حجارة المنارة، والتي لا تزال موجودة حتى الآن في قاع الميناء.

بقايا من منارة الإسكندرية
بقايا من منارة الإسكندرية

بينما شكك بعض علماء التاريخ في أن هذ الحجارة مصدرها بقايا المنارة، وافترضوا أنها مجرد صخور ترجع إلى العصور الوسطى ألقيت في الميناء لصد سفن الحملات الصليبية. ومع ذلك، لازال جان إيف متمسكاً باعتقاده أن هذه الأنقاض تنتمي إلى هيكل المنارة، ولكي يؤكد نظريته، تتبع جان إيف خرائط المئات من الكتل الحجرية الضخمة، وتقصي الأوصاف والإشارات التاريخية حول المنارة، التي ورد وصفها في كتابات الكثير من الرحالة والمؤرخين الإغريق والرومان والعرب، ولكن ما يزيد الأمر تعقيداً هو تناقض وعدم دقة هذه الأوصاف.

تم اكتشاف الكثير من الأنقاض بالقرب من موقع المنارة، مثل تمثال ضخم لملك يعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والذي يرجح أنه تمثال بطليموس الثاني. كما تم العثور في الستينيات من القرن الماضي على تمثال لملكة في مكان قريب من المنارة يرجح أنها زوجة بطليموس “أرسنوي”.

اكتشف المزيد
تعليقات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط Cookies لتحسين تجربة الاستخدام. قبول سياسة الاستخدام والخصوصية