يحقق علماء الآثار كل يوم اكتشافات جديدة ومذهلة حول كيفية الكيفية التي تم بها بناء أهرامات الجيزة المصرية، بُنيت أهرامات الجيزة قبل 4500 عام في المملكة القديمة في مصر، وهي أكثر من مجرد مقابر ملكية – كما أن الأهرامات واحدة من أهم مصادر المؤرخين وعلماء الأثار للتعرف على حياة المصريين القدماء، حيث تتضمن جداريات توضيحية للممارسات الزراعية، وحياة المدينة القديمة، والاحتفالات الدينية، ولكن لم تتضمن النقوشات والجداريات المكتشفة داخل الأهرامات أى فكرة عن كيفية بناء الأهرامات.
فقد كان لغزاً أثار فضول المؤرخين منذ آلاف السنين، ولكن جهود العديد من علماء الأثار في السنوات القليلة الماضية قد غيرت بشكل كبير المنظور الحديث في الدراسات المصرية، بعد آلاف من السنوات من الأبحاث والدراسات والتي تكللت بحل جزء كبير من سر بناء الأهرامات.
يعتبر بناء الأهرامات لغزاً حير علماء الأثار والتاريخ، نظراً لأنه إنجاز هندسي مذهل تم بدقة كبيرة من خلال خطط وقياسات دقيقة بنسية أقل من بوصة واحدة، مقارنة بأدوات وتقنيات البناء أثناء هذا العصر، وكيف تم نقل الحجارة الضخمة من مكان إلى آخر. ولم يكن المصريون القدماء قد اخترعوا البكرة الرافعة، وهو جهاز كان من شأنه أن يسهل عملية رفع الحجارة الكبيرة في مكانها، وقد أكد العديد من المؤرخين أن مواد بناء الأهرامات جاءت من مكان يبعد حوالي 500 ميل على الأقل.
ومع ذلك، بدأ الملك خوفو بناء أكبر أهرامات الجيزة (هرم خوفو)، في عام 2550 قبل الميلاد. وقد نجت الأهرامات الثلاثة والمقابر المجاورة منذ 4500 عام من الحروب والعواصف الصحراوية.
الدكتور كريج سميث، مؤلف كتاب 2018 الرائد “كيف تم بناء الهرم الأكبر، يقول:
“بالرغم من أدواتهم البدائية، تم بناء الهرم في مصر القديمة على نفس درجة الدقة التي نحن عليها اليوم مع تكنولوجيا القرن العشرين”
Dr. Craig Smith
النقاش الساخن حول كيفية بناء الأهرامات
اعتقد المؤرخون اليونانيون القدماء الذين ولدوا بعد بناء الأهرامات أن المصريين قاموا ببناء سلالم مثل السقالات على طول واجهات المقابر وحملو الحجارة بهذه الطريقة، في حين أشار بعض العلماء الحديثين إلى جيوب غريبة تشير إلى أن المنحدرات كانت موجودة بالفعل داخل جدران الأهرامات، وهذا هو السبب وراء عدم وجود علامات على الواجهات الخارجية.
ويرى بعض علماء الأثار أن الكتل الحجرية الصغيره للأهرامات قد تكون تم نقلها إلى الجيزة، لكن من الصعب الاعتقاد بأن هذه الطريقة ستنجح مع بعض الأحجار الضخمة والتي يصل وزنها إلى 90 طناً. يتوجب على مؤيدي هذه النظريات أن يناقشوا حقيقة أنه لا يوجد أي دليل على أن المصريين فعلوا هذا بالفعل، حيث لا توجد جداريات – أو أي دليل آخر – يشير إلى أنه تم دحرجة الحجارة بهذه الطريقة، والتحدي المتمثل في كيفية رفع الحجارة من موضعها على هرم طويل القامة بشكل متصاعد.
لم يتم العثور على دليل قاطع لصالح أي من هذه النظريات القديمة، ولكن لا تزال هذه الاحتمالات مثيرة للاهتمام.
اكتشافات جديده حول بناء الأهرامات
في خضم هذا الغموض، ظهر مؤخراً كشفان جديدان حول كيفية بناء الأهرامات، الكشف الأول كان جهود فريق هولندي ألقى نظرة ثانية على الفن المصري الذي يصور العمال الذين يقومون بنقل الحجارة الضخمة على الزلاجات عبر الصحراء، حيث أدرك المصريون القدماء أن صب المياة في مسار الحجر، كان يبلل الرمال باستخدام ما يسمى اليوم مبادئ ميكانيكا الموائع: الماء يساعد حبيبات الرمل على الالتصاق معاً مما يقلل الاحتكاك بشكل كبير، بنى الفريق محاكي الزلاجات واختبر نظريتها، وكانت النتيجة، أنه من المحتمل أن المصريون كانوا قادرين على تحريك الأحجار أكبر مما يعتقد المؤرخون وعلماء التاريخ.
والكشف الثاني في طرح خبير المصريات مارك لينر Mark Lehner نظرية أخرى جعلت من سر بناء الأهرامات أقل غموضاً، وبين أنه على الرغم من أن الأهرامات تقع اليوم وسط الأميال الصحراوية الرملية، إلا أنها كانت محاطة قديماً بالسهول الفيضية لنهر النيل، إذ يفترض لينر أنه إذا كان بإمكانك النظر إلى ما وراء مدينة القاهرة، فستجد أثار مجاري مائية مصرية قديمة كانت تشق مياه النيل إلى موقع بناء الأهرامات، حيث كان المصريون يحملون الحجارة الضخمة على القوارب ويتم نقلها عبر نهر النيل إلى موقع بناء الأهرامات، وكان دليل لينر هو كشفت أعمال التنقيب عن ميناء قديم بجوار الأهرامات حيث نُقلت الحجارة.
وقد اكتشف عالم الأثار يير تاليت Pierre Tallet، في عام 2013 صحيفة ورق البردي لرجل يدعى ميرر Merer يبدو أنه كان بيروقراطياً متوسط، وقد كلف بعملية نقل بعض المواد إلى الجيزة. بعد أربع سنوات من دراسات الترجمة، اكتشف تاليت أن كاتب اليوميات القديم – المسؤول عن أقدم مخطوط بردي تم العثور عليه – وصف تجاربه في الإشراف على فريق من 40 عاملاً فتحوا السدود لتحويل المياه من النيل إلى قنوات من صنع الإنسان تصل مباشرة إلى مكان بناء الاهرامات. وقد قام تاليت بتسجيل رحلته المحاكاة مع العديد من الكتل العملاقة من الحجر الجيري من طرة إلى الجيزة، مع كتاباته التي قدمت رؤية واضحة أكثر من أي وقت مضى حول الكيفية التي تم بها بناء الأهرامات.
حل لغز مصري قديم
أثار الجدل حول هل استخدم المصريون القدماء العبيد لبناء الأهرامات، أم كانوا عاملين مدفوعين الأجر، فيما اكتشف علماء الأثار مكتشفات تدل على ثكنات مريحة بدت وكأنها تضم طاقماً دائرياً من العمال، مزود بوسائل راحة للمصريين الأثرياء فقط.
كما كشف عن مقبرة كبيرة للعمال الذين لقوا حتفهم أثناء بناء الأهرامات، وثكنات لإقامة العمال وإطعامهم، مما جعل الباحثين يعتقدون أن الرجال المسؤولين عن بناء الأهرامات من المرجح أنهم كانوا من العمال المهرة، فقد كانت عملية البناء دقيقة وخطيرة، مما استوجب عدم توظيف العمال غير المدربين لبناء الأهرامات.
بالرغم من أن العمال من المرجح أنهم كانوا يكافئون بشكل كبير ويعملون طوعاً، إلا أن شعورهم بالإجهاد والمخاطر التي يتعرضون لها لا يزال لغزاً حتى الآن.
شاهد أيضاً: تمثال أبو الهول Sphinx عجائب الدنيا السبع: أهرامات الجيزة